أدب الطف

بسم الله الرحمن الرحيم

في الحديث المعتبر عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): يا أبا هارون أنشدني في الحسين(عليه السلام). قال: فأنشدته فبكى. فقال(عليه السلام): أنشدني كما تنشدون ـ يعني بالرّقّة ـ قال: فأنشدته‏:

أُمْرُرْ على جَدَثِ الحُسين‏ *** فَـقُل لأعْظُمِهِ الزّكيّة

قال: فبكى. ثمّ قال(عليه السلام): زدني. قال: فأنشدته القصيدة الأخرى، فبكى(عليه السلام) و سمعت البكاء من خلف السّتر، فلمّا فرغت قال لي(عليه السلام): يا أبا هارون من أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً فبكى و أبكى‏ عشراً كتبت له الجنّة. و من أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً فبكى و أبكى‏ خمسة كتبت له الجنّة. و من أنشد في الحسين(عليه السلام) شعراً فبكى و أبكى‏ واحداً كتبت لهما الجنّة. و من ذُكر الحسين (عليه السلام) عنده فخرج من عينه [عينيه‏] من الدّموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على الله و لم يرض له بدون الجنّة.

بهذا وأشباهه أوجد أئمة أهل البيت(ع) روح الابداع والتكامل لدى الشعراء على مر العصور في رسم الصور الشعرية الرائعة التي خلَّدت ذكرى فاجعة الطف الأليمة.

تلك الفاجعة التي تطاولت فيها يد الشرك والجهل والعمى لتنال من ريحانة رسول الله(ص) أبي عبد الله الحسين(ع) ونفر من أهل بيته وأصحابه لم يُعرف لهم على وجه الأرض من شبيه، بأبشع وأفضع صورة رأتها البشرية.

تلك الفاجعة التي لها (حرارة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ أبداً) على حد تعبير رسول الله(ص).

ومن الجدير جمع هذا التراث الضخم ضمن موسوعة متكاملة تبين عظمة ما رسمه شعراء أهل البيت(ع)، لكن من البديهي أن جمع ذلك التراث الضخم الذي يناهز عمره أربعة عشر قرناً لا يتأتى من شخص وأشخاص بل حتى من مؤسسة وإن كانت ضخمة.

نعم، قد أخذ شهيد المنبر الحسيني العلامة الحجة السيد جواد شبر على عاتقه تدوين موسوعة تظم بين دفيتها ما نظمه الشعراء العرب في الإمام الحسين(ع) من يوم الفاجعة وإلى القرن الرابع عشر، وقد أشار في مقدمة الموسوعة إلى ما ندعيه بقوله: (ولا اريد أن أجمع كل ما جاء من شعر الشعراء في الامام الحسين ويوم الحسين ولا أقدر أن أقوم بذلك بل غايتي أن أعرض نماذج من شعرهم وأعدد أسماءهم وأدوارهم وعصورهم).

ولله درّه فقد دوّن للأجيال موسوعة متكاملة، جمع فيها درراً ثمينة، رصّعها بشرح وتوضيح أضاف إلى كمالها كمالاً، في توبيب وتقسيم وتنظيم كشأن كل موسوعة.

وجاءت محاولة إعداد هذا التطبيق …تثميناً لجهده، وتخليداً لأثره، وتوسيعاً لدائرة الاستفادة من هذا العمل الخالد. نسأل الله سبحانه أن يسكن المصنف فسيح جناته وأن يحشره مع سيد الشهداء(ع) وأن يجعل عملنا هذا كعمله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يكتبنا في سجل خدام الإمام الحسين(ع) إنه سميع مجيب.

فريق مساحة حرة